اول شهيده فى الاسلام
هى سُمَيَّة بنت خُبَّاط مولاة
أبى حُذَيْفَة بن المُغِيرَة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
** وهى أم عمَّار بن ياسر رضى الله عنهما
زوجها
** ياسر بن عامر العَنْسِيّ ، وهو
حليف بني مخزوم من قريش ، وكان قدم مكَّة من اليمن ، فحالف أبا حذيفة بن
المغيرة المخزومي ، فزوّجه أمته سمية ، فولدت له عمَّاراً .
** ويُكنّى ياسر : أبا عمَّار ؛
بابنه عمَّار .
وأعتق أبو حذيفة أَمَتَهُ سمية قبل
الإسلام ، ولم يزل عمَّار وأبوه وأمه مه أبي حذيفة ، إلى أن مات أبو حذيفة .
وجاء الإسلام ، فأسلم ياسر وسمية
وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر وحَسُن إسلامهم ، وكانوا من السابقين الأولين
إلى الإسلام عليهم
رضوان الله .
فقد أسلموا قديماً ،
ورسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ فى دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة المكرمة ،
بعد إسلام بضعة وثلاثين رجلاً ، وكانت سمية من المبايعات الخيِّرات .
وكان أول من أظهر الإسلام
بمكة سبعة هم
/
* رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم .
* أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه.
* بلال بن رباح الحبشي ـ
رضى
الله عنه .
* خَبَّاب بن الأرَتّ ـ
رضى
الله عنه .
* صهيب الرومي ـ رضى الله عنه .
* عمار بن ياسر ـ رضى الله عنه.
* سمية أم عمار ـ رضى الله عنها .
فأما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمنعه عمّه أبو طالب .
وأما أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فمنعه قومه .
** وأُخذ الأخرون فأُلبسوا
أدراع الحديد ، ثم صهروهم فى الشمس ، حتى بلغ منهم الجهد كل مبلغ ، ولكنهم صبروا
وصابروا...
** السَّيِّدة سُمَيَّة أمّ عمَّار بن ياسر **
أول شهيدة فى الإسلام
وعبرتها لحاضر المسلمين
صبراً
آل ياسر فإن موعدكم الجنة
محمد صلى الله عليه وسلم
وكان بنو المغيرة - من بني مخزوم ـ يتولون تعذيب آل ياسر على
الإسلام ، وكانت سمية تأبى بعناد وإصرار وثقة غير الإسلام ، وكان رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمر بعمَّار وأُمه وأبيه ، وهم يُعَذَّبون
بالأبطح فى رمضاء مكة فيقول /[[ صبراً آل ياسر ، فإنَّ موعدكم الجنَّة ]].
وجاء أبو جهل المخزومي ذات مساء ،
فجعل يشتم سمية ويرفث ، ثم طعنها فى قلبها فقتلها ، وكان موتها قبل الهجرة .
وفى رواية / أن أبا جهل طعنها
بالرمح فى فخذها ، فسرى الرمح إلى فرجها ، فماتت شهيدة 0
فقال عمار : " بلغ العذاب منها كل
مبلغ يارسول الله "
فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : [[ اللهم لا تُعذِّب أحداً من آل ياسر بالنَّار ]].
** وهكذا ماتت سُمَيَّة ، فكانت
أول شهيدة في الإسلام **
** أبطح مكة **
الأبطح لُغةً : كل مسيل فيه دِقاقُ الحصا
فهو أبْطَح ، والأبطح والبطحاء : الرمل المنبسط على وجه الأرض ، والأبطح
أيضاً : أثر المسيل ضيِّقاً كان أو واسعاً ، والأبطح يضاف إلى مكة ، وإلى (
منى ) ، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة ، وربما كان إلى منى أقرب ، وهو
المُحَصَّب ، وهو خَيْف بني كِنانة .
قال حُمَيْد بن ثور الهلالي
:
أقول لعبد الله بيني وبينه **** لك
الخير خبرني فأنت صديق
تراني إن عللت نفسي بسرحة
**** من السرح موجوداً على طريق
أبى الله إلا أن سرحه
مالك **** على كل سرحات العضاة تروق
سقى السرحة المحلال
والأبطح الذي **** به الشري غيث مدجن وبروق
فقد ذهبت طولاً فما فوق
طولها **** من النخل إلا عشة وسحوق
فيا طيب رياها ويابرد
مائها **** إذا حان من حامي النهار ودوق
حمى ظلها شكس الخليقة
خائف **** عليها عرام الطائفين شفيق
فلا الظل من برد الضحى
تستطيعه **** ولا الفيء من برد العشي تذوق
وكان تعذيب سمية وآل ياسر يجري فى هذه
البطحاء ، عليهم الحديد ، في شدة حر الأبطح ؛ الذي لا يطاق شتاء ، فكيف
يطاق صيفاً والشمس في كبد السماء !
ومع ذلك صبرت سمية ، حتى
استشهدت فداءً للإسلام الذي اعتنقته رغبة لا رهبة ، وطوعاً لا قسراً .
"" وكل عذاب وتعذيب في سبيل
العقيدة ـ بالنسبة للمؤمن حقاً ـ يسهل ويهون
""
مصير القاتل
قاتل سمية ، هو أبو جهل بن هشام المخزومي ـ كما ذكرنا ـوكان أشد الناس عداوة للنبي صلى
الله عليه وسلم ، وأكثرهم أذىً له ولأصحابه .
واسمه / عمرو ، وكنيته : أبو الحكم
، وهو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي .
وأما أبو جهل ، فالمسلمون كنوه به ،
لأن من أقل جرائمه وأهونها على نفسه يومئذ ، كان قتل سمية ، وتعذيب
المسلمين واضطهادهم .
وعاد أبو جهل إلى البيت
الحرام بمكة ، يختال فى مشيته بعد أن لطخ سلاحه بدم سمية ولطخ يديه بتعذيب
المسلمين المستضعفين على الإسلام ، يزف إلى قريش ما صنعت يداه دفاعاً عن
اللات والعزّى ، فتلقى تهاني كفار قريش وثناءهم ، فأطربه التشجيع والثناء .
ومضى قدماً يبتكر ما يؤذي
ه المسلمين ابتكاراً ، حتى تفوّق على أضرابه من كفار قريش بالشر والأذى ،
فلمع اسمه بالشر لا بالخير ، وبالسوء لا بالحسنى ، حتى أصبح زعيماً من
زعماء كفار قريش المعدودين .
ودار الزمن دورته ، وهاجر المسلمون
إلى الحبشة ، ثم هاجروا إلى المدينة المنورة ، وهاجر النبي صلى الله عليه
وسلم إليها ، وبدأ الجهاد في السنة الثانية الهجرية ، بعد أن استقر
المسلمون فى قاعدتهم الأمينة ؛ المدينة المنورة .
وحرض أبو جهل كفار قريش
إلى الخروج إلى موقع ( بدر ) لقتال المسلمين ، فخرجت قريش وخرج حلفاؤها
معها .
وأرسلت قريش عُمَير بن
وهْب الجُمَحِي ليستطلع لهم قوة المسلمين القادمة إلى بدر ، فعاد إليهم
عمير وأخبرهم أن المسلمين ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً ،
ولا كمين لهم ولا مدد ، ولكنهم قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ، فلا
يموت منهم رجل قبل أن يقتل رجلاً مثله من قريش .
وتضاربت آراء قريش ، منهم
من يريد الرجوع إلى مكة بدون قتال ، ومن هؤلاء بنو زهرة الذين عادوا
أدراجهم إلى مكة دون قتال ، ومنهم من يريد قتال المسلمين ، حتى يُظهروا
قوّتهم ؛ للمسلمين خاصة وللعرب عامة .
وكان أبو جهل على رأس الذين أرادوا
البقاء لقتال المسلمين ، فقال : "" والله لا نرجع ، حتى نرد ( بدراً ) ،
فنقيم عليه ثلاثاً ، ننحر الجزور ، ونطعم الطعام ، ونسقى الخمر ، وتعزف
علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا
أبداً بعدها "" 0
وقصد حكيم بن حزام عتبة
بن ربيعة ، فقال : "" يا أبا الوليد ! إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها !
هل لك إلى أن تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر ؟ ""
قال عتبة : "" وما ذاك ؟
""
قال حكيم : "" ترجع
بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي "" .
قال عتبة : "" قد فعلت ،
أنت عليّ بذلك ، إنما هو حليفي ، فعليّ عقله وما أصيب من ماله ، فأت ابن
الحنظلية "" .
والحنظلية أم أبي جهل ،
وهى أسماء بنت مخربة إحدى بنات نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة
التيمية.
وأردف عتبة : "" فإني لا
أخشى أن يشجر أمر الناس غيره ""يعنى أبا جهل بن هشام
وانطلق حكيم حتى جاء أبا
جهل ، فوجده نثل درعاً من جرابها يهنئها ، فقال له : "" يا أبا الحكم ! إنا
عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ... ""
قال أبو جهل : "" انتفخ
والله سحره حين رأى محمداً وأصحابه ! كلا ، والله لا نرجع حتى يحكم الله
بيننا وبين محمد ، وما بعتبة ما قال ، ولكن قد رأى محمداً وأصحابه أكلة
جزور ، وفيهم ابنه ، فقد تخوّفكم عليه ""
وبعث أبو جهل إلى عامر بن
الحضرمي ، فاكتشف ثم صرخ : ""واعمراه !! واعمراه !!""
يريد الأخذ بثأر أخيه
عمرو بن الحضرمي الذي قتله المسلمون في سرية ( نَخْلَة ).
وحميت الحرب ، وحقب أمر الناس ،
واجتمعوا على ما هم عليه من الشر وبذلك أخذ أبو جهل على الناس الرأي الذي
دعاهم إليه عتبة .
وهكذا سعى أبو جهل إلى حتفه
بظلفه !
وبدأ القتال فى غزوة بدر
الكبرى بين المسلمين والمشركين ، فنظم الرسول القائد عليه أفضل الصلاة
والسلام أصحابه صفوفاً ، وقاتل المشركين بأسلوب الصفوف ، بينما قاتل
المشركون المسلمين بأسلوب الكرّ والفرّ .
قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
"" إني لفي الصف يوم بدر ، إذ التفتّ فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا
السن ، فكأني لم آمن بمكانهما ، إذ قال لي أحدهما سِراً من صاحبه : ياعم
أرني أبا جهل ! فقلت ياابن أخي ! ما تصنع به ؟! قال : عاهدت الله إنْ رأيته
أن أقتله أو أموت دونه ....
"" قال لي الآخر سِراً من
صاحبه مثله ، فأشرت لهما إليه ، فشدّا عليه مثل الصَّقرين ، فضرباه حتى
قتلاه "" .
وقد استشهد هذان البطلان فى
بدر وهما ابنا عفراء / عوف بن الحارث الخزرجي الأنصاري ، ومُعَوَّذ بن
الحارث الخزرجي الأنصاري رضي الله عنهما .
ولم يلفظ أبو جهل أنفاسه لأخيرة
بطعنات ابني عفراء ، لأنه كان ضخماً قوياً مفتول العضلات ، ولأن ابني عفراء
كانا حدثين ، فمر بأبي جهل وهو عَقيرٌ عبد الله بن مسعود ، فأجهز عليه .
والعجيب فى الأمر ، أن عبد
الله بن مسعود الذي أجهز على أبي جهل ، كان هو الآخر من المستضعفين الذين
عُذبوا على الإسلام.
ولما قُتل أبو جهل يوم بدر ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم ـ لعمَّار بن ياسر الذي شهد الغزوة مع من شهدها
من المسلمين : {{ قتل
الله قاتل أُمِّك }}
عبرة سُمَيَّة
كانت سمية حين استشهدت عجوزاً ضعيفة ،
وكانت أَمَةً من الإماء ، فقيرة معدمة ، لا حول لها ولا طول ولا قوة .
ولكنهاثبتت على عقيدتها
ثبات الراسيات ، ولم تستسلم للوعد والوعيد والضغط والإرهاب .
كانت قوية بعقيدتها ، وكانت
عقيدتها أغلى عليها من روحها ، فبذلت روحها رخيصة في سبيل الله ، لتحتفظ
بعقيدتها لا تشوبها شوائب الضعف والتراجع والإستخذاء .
لقد تحملت سمية صابرة محتسبة ، وبذلت
ما بذلت قوية ثابتة ، وكان إيمانها الراسخ هو مصدر قوتها التي لا تقاوم ،
فبزّت بتضحيتها وفدائها ـ وهى العجوز الضعية الأمة الفقيرة المعدمة التي لا
حول لها ولا قوة ـ الشباب الصغار الأقوياء الأحرار الأغنياء أصحاب الثراء
والحول وال.قوة ، لأنها كانت قوية بإيمانها الراسخ لا بمظاهرها الخارجية
الخلاَّبة ، وغيرها لا إيمان لهم يعصمهم من الإنحراف .
والإيمان الراسخ ، هو الحافز
القوي على الثبات دفاعاًعن الحق والمُثل العليا ، فما أحرانا عرباً ومسلمين
أن نتعلم من سمية هذا الدرس الثمين .
واليوم نجد أكثر الناس
يهتمون بتخمة جيوبهم بالمال ، ولا يهتمون بخواء قلوبهم من الإيمان .
وقد انتصر العرب المسلمون في
الصدر الأول من الإسلام بالإيمان وحده ، فقد كانوا فقراء مادياً أغنياء
روحياً ، فانتصروا بالعقيدة لا بالمال .
كانوا أصحاب قلوب لا عبيد
جيوب ، فانتصروا بقلوبهم العامرة بالإيمان .
فأصبحنا أصحاب جيوب لا
أصحاب قلوب ، فهزمنا بجيوبنا المتخمة بالمال والأهواء .
أفلا يتساءل العرب والمسلمون
اليوم لماذا نزع منهم النصر وتكالبت عليهم الأمم ، وقد أصبحوا اليوم بحمد
الله أغنياء !!
كانوا فقراء ، ولكن كل
واحد منهم يتمنى الموت شهيداً قبل صاحبه ـ كما قال خالد بن الوليد لأحد قادة الروم ـ فانتصروا
بالإيمان الراسخ الذي يقود إلى الإيثار ويقتلع الأثرة من جذورها .
إن انحراف الشباب ـ خاصة عن
مكارم الأخلاق التي جاء الإسلام ليتممها ـ وركونهم إلى الترف والمباذل
تقليداً للأجانب فى سلوكهم وأخلاقهم ، ليس في مصلحة العرب والمسلمين في
شيءٍ ، بل في مصلحة أعداء العرب والمسلمين ، وهؤلاء الأعداء هم الذين
يزينون للعرب والمسلمين الانحراف والترف ، حتى ولو تزيّا هؤلاء بزي
الأصدقاء أو الأشقاء !
والحكماء من الأجانب يشكون
مرّ الشكوى من انحراف قسم من شبابهم ، ويرون فيه نذيراً بزوال حضارتهم ،
لأنه يمثل قمة الترف والانحراف ، فما ينبغي أن نقلدهم في عوامل فنائهم
ونتخلى عن أخلاق القرآن الكريم ، فلسنا بحاجة إلى ما يزيد أمورنا ضعفاً
وتعقيداً .
تُرى ! لو عادت سمية إلى الدنيا من
جديد ، ورأت ما يشيع من انحلال في شبابنا ـ خاصة الفتيات الكاسيات العاريات
ـ أكانت ترضى لهم ما رضوا لأنفسهم !
والعبرة الثانية من سمية ،
هى مصير الظالم ، فالله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل ، وقد أمهل أبا جهل
بضع سنين ، ثم أخذه أخذ عزيز مقتدر ، فكان مصيره مصير كل ظالم .
وقد كان قتل سمية هيناً على
أبي جهل ، ولكنه عند الله عظيم .
والظالمون الذين يفلتون من
عقاب البشر ، لا يفلتون من عقاب رب البشر 0
وصدق الله العظيم {{ ولا تَحْسَبَنَّ الله
غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّلِمُونَ }} 0 ( إبراهيم 14 42)
فهل يعتبر
الظالمون ، أم على قلوب أقفالها !
إن سمية قدوة صالحة وأسوة
حسنة لكل عربي ومسلم من ذكر وأنثى ، وقد استطاعت بإيمانها الراسخ أن تنال
مجد الدنيا وأجر الآخرة ، فقد سجلها التاريخ في أنصع صفحاته مع الصديقين
والشهداء والصالحين ، وكان لها أجر الشهداء الصابرين المحتسبين .
فهنيئاً لسمية مجد الدنيا
والآخرة ، وهنيئاً للذين يتخذون منها قدوة حسنة وأسوة صالحة
وويل للظالمين الذين سيصيبهم
القصاص العادل حتماً ، إن لم يكن اليوم 00 فغداً ، وإن غداً لناظره قريب .
( ويومئذٍ يفرح المؤمنون
بنصر الله )
هى سُمَيَّة بنت خُبَّاط مولاة
أبى حُذَيْفَة بن المُغِيرَة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم .
** وهى أم عمَّار بن ياسر رضى الله عنهما
زوجها
** ياسر بن عامر العَنْسِيّ ، وهو
حليف بني مخزوم من قريش ، وكان قدم مكَّة من اليمن ، فحالف أبا حذيفة بن
المغيرة المخزومي ، فزوّجه أمته سمية ، فولدت له عمَّاراً .
** ويُكنّى ياسر : أبا عمَّار ؛
بابنه عمَّار .
وأعتق أبو حذيفة أَمَتَهُ سمية قبل
الإسلام ، ولم يزل عمَّار وأبوه وأمه مه أبي حذيفة ، إلى أن مات أبو حذيفة .
وجاء الإسلام ، فأسلم ياسر وسمية
وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر وحَسُن إسلامهم ، وكانوا من السابقين الأولين
إلى الإسلام عليهم
رضوان الله .
فقد أسلموا قديماً ،
ورسول الله ـ صلى
الله عليه وسلم ـ فى دار الأرقم بن أبي الأرقم بمكة المكرمة ،
بعد إسلام بضعة وثلاثين رجلاً ، وكانت سمية من المبايعات الخيِّرات .
وكان أول من أظهر الإسلام
بمكة سبعة هم
/
* رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم .
* أبو بكر الصديق ـ رضى الله عنه.
* بلال بن رباح الحبشي ـ
رضى
الله عنه .
* خَبَّاب بن الأرَتّ ـ
رضى
الله عنه .
* صهيب الرومي ـ رضى الله عنه .
* عمار بن ياسر ـ رضى الله عنه.
* سمية أم عمار ـ رضى الله عنها .
فأما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمنعه عمّه أبو طالب .
وأما أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ فمنعه قومه .
** وأُخذ الأخرون فأُلبسوا
أدراع الحديد ، ثم صهروهم فى الشمس ، حتى بلغ منهم الجهد كل مبلغ ، ولكنهم صبروا
وصابروا...
** السَّيِّدة سُمَيَّة أمّ عمَّار بن ياسر **
أول شهيدة فى الإسلام
وعبرتها لحاضر المسلمين
صبراً
آل ياسر فإن موعدكم الجنة
محمد صلى الله عليه وسلم
وكان بنو المغيرة - من بني مخزوم ـ يتولون تعذيب آل ياسر على
الإسلام ، وكانت سمية تأبى بعناد وإصرار وثقة غير الإسلام ، وكان رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمر بعمَّار وأُمه وأبيه ، وهم يُعَذَّبون
بالأبطح فى رمضاء مكة فيقول /[[ صبراً آل ياسر ، فإنَّ موعدكم الجنَّة ]].
وجاء أبو جهل المخزومي ذات مساء ،
فجعل يشتم سمية ويرفث ، ثم طعنها فى قلبها فقتلها ، وكان موتها قبل الهجرة .
وفى رواية / أن أبا جهل طعنها
بالرمح فى فخذها ، فسرى الرمح إلى فرجها ، فماتت شهيدة 0
فقال عمار : " بلغ العذاب منها كل
مبلغ يارسول الله "
فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : [[ اللهم لا تُعذِّب أحداً من آل ياسر بالنَّار ]].
** وهكذا ماتت سُمَيَّة ، فكانت
أول شهيدة في الإسلام **
** أبطح مكة **
الأبطح لُغةً : كل مسيل فيه دِقاقُ الحصا
فهو أبْطَح ، والأبطح والبطحاء : الرمل المنبسط على وجه الأرض ، والأبطح
أيضاً : أثر المسيل ضيِّقاً كان أو واسعاً ، والأبطح يضاف إلى مكة ، وإلى (
منى ) ، لأن المسافة بينه وبينهما واحدة ، وربما كان إلى منى أقرب ، وهو
المُحَصَّب ، وهو خَيْف بني كِنانة .
قال حُمَيْد بن ثور الهلالي
:
أقول لعبد الله بيني وبينه **** لك
الخير خبرني فأنت صديق
تراني إن عللت نفسي بسرحة
**** من السرح موجوداً على طريق
أبى الله إلا أن سرحه
مالك **** على كل سرحات العضاة تروق
سقى السرحة المحلال
والأبطح الذي **** به الشري غيث مدجن وبروق
فقد ذهبت طولاً فما فوق
طولها **** من النخل إلا عشة وسحوق
فيا طيب رياها ويابرد
مائها **** إذا حان من حامي النهار ودوق
حمى ظلها شكس الخليقة
خائف **** عليها عرام الطائفين شفيق
فلا الظل من برد الضحى
تستطيعه **** ولا الفيء من برد العشي تذوق
وكان تعذيب سمية وآل ياسر يجري فى هذه
البطحاء ، عليهم الحديد ، في شدة حر الأبطح ؛ الذي لا يطاق شتاء ، فكيف
يطاق صيفاً والشمس في كبد السماء !
ومع ذلك صبرت سمية ، حتى
استشهدت فداءً للإسلام الذي اعتنقته رغبة لا رهبة ، وطوعاً لا قسراً .
"" وكل عذاب وتعذيب في سبيل
العقيدة ـ بالنسبة للمؤمن حقاً ـ يسهل ويهون
""
مصير القاتل
قاتل سمية ، هو أبو جهل بن هشام المخزومي ـ كما ذكرنا ـوكان أشد الناس عداوة للنبي صلى
الله عليه وسلم ، وأكثرهم أذىً له ولأصحابه .
واسمه / عمرو ، وكنيته : أبو الحكم
، وهو عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي .
وأما أبو جهل ، فالمسلمون كنوه به ،
لأن من أقل جرائمه وأهونها على نفسه يومئذ ، كان قتل سمية ، وتعذيب
المسلمين واضطهادهم .
وعاد أبو جهل إلى البيت
الحرام بمكة ، يختال فى مشيته بعد أن لطخ سلاحه بدم سمية ولطخ يديه بتعذيب
المسلمين المستضعفين على الإسلام ، يزف إلى قريش ما صنعت يداه دفاعاً عن
اللات والعزّى ، فتلقى تهاني كفار قريش وثناءهم ، فأطربه التشجيع والثناء .
ومضى قدماً يبتكر ما يؤذي
ه المسلمين ابتكاراً ، حتى تفوّق على أضرابه من كفار قريش بالشر والأذى ،
فلمع اسمه بالشر لا بالخير ، وبالسوء لا بالحسنى ، حتى أصبح زعيماً من
زعماء كفار قريش المعدودين .
ودار الزمن دورته ، وهاجر المسلمون
إلى الحبشة ، ثم هاجروا إلى المدينة المنورة ، وهاجر النبي صلى الله عليه
وسلم إليها ، وبدأ الجهاد في السنة الثانية الهجرية ، بعد أن استقر
المسلمون فى قاعدتهم الأمينة ؛ المدينة المنورة .
وحرض أبو جهل كفار قريش
إلى الخروج إلى موقع ( بدر ) لقتال المسلمين ، فخرجت قريش وخرج حلفاؤها
معها .
وأرسلت قريش عُمَير بن
وهْب الجُمَحِي ليستطلع لهم قوة المسلمين القادمة إلى بدر ، فعاد إليهم
عمير وأخبرهم أن المسلمين ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً أو ينقصون قليلاً ،
ولا كمين لهم ولا مدد ، ولكنهم قوم ليس لهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم ، فلا
يموت منهم رجل قبل أن يقتل رجلاً مثله من قريش .
وتضاربت آراء قريش ، منهم
من يريد الرجوع إلى مكة بدون قتال ، ومن هؤلاء بنو زهرة الذين عادوا
أدراجهم إلى مكة دون قتال ، ومنهم من يريد قتال المسلمين ، حتى يُظهروا
قوّتهم ؛ للمسلمين خاصة وللعرب عامة .
وكان أبو جهل على رأس الذين أرادوا
البقاء لقتال المسلمين ، فقال : "" والله لا نرجع ، حتى نرد ( بدراً ) ،
فنقيم عليه ثلاثاً ، ننحر الجزور ، ونطعم الطعام ، ونسقى الخمر ، وتعزف
علينا القيان ، وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا ، فلا يزالون يهابوننا
أبداً بعدها "" 0
وقصد حكيم بن حزام عتبة
بن ربيعة ، فقال : "" يا أبا الوليد ! إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها !
هل لك إلى أن تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر ؟ ""
قال عتبة : "" وما ذاك ؟
""
قال حكيم : "" ترجع
بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي "" .
قال عتبة : "" قد فعلت ،
أنت عليّ بذلك ، إنما هو حليفي ، فعليّ عقله وما أصيب من ماله ، فأت ابن
الحنظلية "" .
والحنظلية أم أبي جهل ،
وهى أسماء بنت مخربة إحدى بنات نهشل بن دارم بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة
التيمية.
وأردف عتبة : "" فإني لا
أخشى أن يشجر أمر الناس غيره ""يعنى أبا جهل بن هشام
وانطلق حكيم حتى جاء أبا
جهل ، فوجده نثل درعاً من جرابها يهنئها ، فقال له : "" يا أبا الحكم ! إنا
عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ... ""
قال أبو جهل : "" انتفخ
والله سحره حين رأى محمداً وأصحابه ! كلا ، والله لا نرجع حتى يحكم الله
بيننا وبين محمد ، وما بعتبة ما قال ، ولكن قد رأى محمداً وأصحابه أكلة
جزور ، وفيهم ابنه ، فقد تخوّفكم عليه ""
وبعث أبو جهل إلى عامر بن
الحضرمي ، فاكتشف ثم صرخ : ""واعمراه !! واعمراه !!""
يريد الأخذ بثأر أخيه
عمرو بن الحضرمي الذي قتله المسلمون في سرية ( نَخْلَة ).
وحميت الحرب ، وحقب أمر الناس ،
واجتمعوا على ما هم عليه من الشر وبذلك أخذ أبو جهل على الناس الرأي الذي
دعاهم إليه عتبة .
وهكذا سعى أبو جهل إلى حتفه
بظلفه !
وبدأ القتال فى غزوة بدر
الكبرى بين المسلمين والمشركين ، فنظم الرسول القائد عليه أفضل الصلاة
والسلام أصحابه صفوفاً ، وقاتل المشركين بأسلوب الصفوف ، بينما قاتل
المشركون المسلمين بأسلوب الكرّ والفرّ .
قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
"" إني لفي الصف يوم بدر ، إذ التفتّ فإذا عن يميني وعن يساري فتيان حديثا
السن ، فكأني لم آمن بمكانهما ، إذ قال لي أحدهما سِراً من صاحبه : ياعم
أرني أبا جهل ! فقلت ياابن أخي ! ما تصنع به ؟! قال : عاهدت الله إنْ رأيته
أن أقتله أو أموت دونه ....
"" قال لي الآخر سِراً من
صاحبه مثله ، فأشرت لهما إليه ، فشدّا عليه مثل الصَّقرين ، فضرباه حتى
قتلاه "" .
وقد استشهد هذان البطلان فى
بدر وهما ابنا عفراء / عوف بن الحارث الخزرجي الأنصاري ، ومُعَوَّذ بن
الحارث الخزرجي الأنصاري رضي الله عنهما .
ولم يلفظ أبو جهل أنفاسه لأخيرة
بطعنات ابني عفراء ، لأنه كان ضخماً قوياً مفتول العضلات ، ولأن ابني عفراء
كانا حدثين ، فمر بأبي جهل وهو عَقيرٌ عبد الله بن مسعود ، فأجهز عليه .
والعجيب فى الأمر ، أن عبد
الله بن مسعود الذي أجهز على أبي جهل ، كان هو الآخر من المستضعفين الذين
عُذبوا على الإسلام.
ولما قُتل أبو جهل يوم بدر ، قال
النبي صلى الله عليه وسلم ـ لعمَّار بن ياسر الذي شهد الغزوة مع من شهدها
من المسلمين : {{ قتل
الله قاتل أُمِّك }}
عبرة سُمَيَّة
كانت سمية حين استشهدت عجوزاً ضعيفة ،
وكانت أَمَةً من الإماء ، فقيرة معدمة ، لا حول لها ولا طول ولا قوة .
ولكنهاثبتت على عقيدتها
ثبات الراسيات ، ولم تستسلم للوعد والوعيد والضغط والإرهاب .
كانت قوية بعقيدتها ، وكانت
عقيدتها أغلى عليها من روحها ، فبذلت روحها رخيصة في سبيل الله ، لتحتفظ
بعقيدتها لا تشوبها شوائب الضعف والتراجع والإستخذاء .
لقد تحملت سمية صابرة محتسبة ، وبذلت
ما بذلت قوية ثابتة ، وكان إيمانها الراسخ هو مصدر قوتها التي لا تقاوم ،
فبزّت بتضحيتها وفدائها ـ وهى العجوز الضعية الأمة الفقيرة المعدمة التي لا
حول لها ولا قوة ـ الشباب الصغار الأقوياء الأحرار الأغنياء أصحاب الثراء
والحول وال.قوة ، لأنها كانت قوية بإيمانها الراسخ لا بمظاهرها الخارجية
الخلاَّبة ، وغيرها لا إيمان لهم يعصمهم من الإنحراف .
والإيمان الراسخ ، هو الحافز
القوي على الثبات دفاعاًعن الحق والمُثل العليا ، فما أحرانا عرباً ومسلمين
أن نتعلم من سمية هذا الدرس الثمين .
واليوم نجد أكثر الناس
يهتمون بتخمة جيوبهم بالمال ، ولا يهتمون بخواء قلوبهم من الإيمان .
وقد انتصر العرب المسلمون في
الصدر الأول من الإسلام بالإيمان وحده ، فقد كانوا فقراء مادياً أغنياء
روحياً ، فانتصروا بالعقيدة لا بالمال .
كانوا أصحاب قلوب لا عبيد
جيوب ، فانتصروا بقلوبهم العامرة بالإيمان .
فأصبحنا أصحاب جيوب لا
أصحاب قلوب ، فهزمنا بجيوبنا المتخمة بالمال والأهواء .
أفلا يتساءل العرب والمسلمون
اليوم لماذا نزع منهم النصر وتكالبت عليهم الأمم ، وقد أصبحوا اليوم بحمد
الله أغنياء !!
كانوا فقراء ، ولكن كل
واحد منهم يتمنى الموت شهيداً قبل صاحبه ـ كما قال خالد بن الوليد لأحد قادة الروم ـ فانتصروا
بالإيمان الراسخ الذي يقود إلى الإيثار ويقتلع الأثرة من جذورها .
إن انحراف الشباب ـ خاصة عن
مكارم الأخلاق التي جاء الإسلام ليتممها ـ وركونهم إلى الترف والمباذل
تقليداً للأجانب فى سلوكهم وأخلاقهم ، ليس في مصلحة العرب والمسلمين في
شيءٍ ، بل في مصلحة أعداء العرب والمسلمين ، وهؤلاء الأعداء هم الذين
يزينون للعرب والمسلمين الانحراف والترف ، حتى ولو تزيّا هؤلاء بزي
الأصدقاء أو الأشقاء !
والحكماء من الأجانب يشكون
مرّ الشكوى من انحراف قسم من شبابهم ، ويرون فيه نذيراً بزوال حضارتهم ،
لأنه يمثل قمة الترف والانحراف ، فما ينبغي أن نقلدهم في عوامل فنائهم
ونتخلى عن أخلاق القرآن الكريم ، فلسنا بحاجة إلى ما يزيد أمورنا ضعفاً
وتعقيداً .
تُرى ! لو عادت سمية إلى الدنيا من
جديد ، ورأت ما يشيع من انحلال في شبابنا ـ خاصة الفتيات الكاسيات العاريات
ـ أكانت ترضى لهم ما رضوا لأنفسهم !
والعبرة الثانية من سمية ،
هى مصير الظالم ، فالله سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل ، وقد أمهل أبا جهل
بضع سنين ، ثم أخذه أخذ عزيز مقتدر ، فكان مصيره مصير كل ظالم .
وقد كان قتل سمية هيناً على
أبي جهل ، ولكنه عند الله عظيم .
والظالمون الذين يفلتون من
عقاب البشر ، لا يفلتون من عقاب رب البشر 0
وصدق الله العظيم {{ ولا تَحْسَبَنَّ الله
غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّلِمُونَ }} 0 ( إبراهيم 14 42)
فهل يعتبر
الظالمون ، أم على قلوب أقفالها !
إن سمية قدوة صالحة وأسوة
حسنة لكل عربي ومسلم من ذكر وأنثى ، وقد استطاعت بإيمانها الراسخ أن تنال
مجد الدنيا وأجر الآخرة ، فقد سجلها التاريخ في أنصع صفحاته مع الصديقين
والشهداء والصالحين ، وكان لها أجر الشهداء الصابرين المحتسبين .
فهنيئاً لسمية مجد الدنيا
والآخرة ، وهنيئاً للذين يتخذون منها قدوة حسنة وأسوة صالحة
وويل للظالمين الذين سيصيبهم
القصاص العادل حتماً ، إن لم يكن اليوم 00 فغداً ، وإن غداً لناظره قريب .
( ويومئذٍ يفرح المؤمنون
بنصر الله )
الخميس فبراير 27, 2014 12:46 am من طرف admin
» فوائد الليمون الجمالية
الثلاثاء أكتوبر 22, 2013 11:43 pm من طرف sama
» وداعا للهالات السوداء بطرق طبيعيه
الثلاثاء أكتوبر 22, 2013 11:39 pm من طرف sama
» قوانين وشروط القسم العام
الإثنين أكتوبر 21, 2013 3:35 am من طرف sama
» طريقة عمل صوابع السمك
السبت سبتمبر 07, 2013 7:38 pm من طرف قيثارة البحر
» طريقة عمل الكفته
السبت سبتمبر 07, 2013 7:30 pm من طرف قيثارة البحر
» قمصان وبنطلونات شبابى جامدة 2013 , ازياء شبابى 2014
الأحد سبتمبر 01, 2013 11:25 pm من طرف sama
» ديكورات ورد 2013 ، اجدد ديكورات ورد 2014
الأحد سبتمبر 01, 2013 11:13 pm من طرف sama
» اجمل ديكورات اضاءة الشموع 2013 ،2014
الأحد سبتمبر 01, 2013 11:07 pm من طرف sama